أن ينتهي يومك ليسَ بالشيء المصيري، وهذا ربما أفضل ما فيه، اليوم اﻷوّل مثل اﻷخير واليوم الثاني جامد مثل الأول وكأن الأيام قد توقفت، البدايةُ مثلُ النهاية، الاستيقاظ كالنوم، أنام وأصحو ﻷجدَ كل شيءٍ ينتهِ باعتياديّـةٍ مقيتة، لن تتغيّـرَ التفاصيل. فقط هو ترتيبٌ رقميٌّ منمـّقٌ يبدو كبدايةٍ جديدة، يومٌ جيّـدٌ ﻷتذكّر ما فعلتهُ في ايّامي المصيريّة حقًا، والقليلةِ جداً مقارنة بغيري..
ﻷتذكّـرَ كيفَ تحركت مثل رجل آلي  ممسكًا قلم رصاص وأكتب في قائمةِ الرغبات “الهندسة الكهربائية” وأنا انظر الي الاستاذ ممسكًا ورقتي بابتسامة حمقاء حقيقية، لأظن اني رسمتُ وجهَ المستقبلِ بمسطرةٍ و زاوية قائمة من 90  درجة، وكانني جعلتُ كلّ أحلامي أحاديثَ للضحكِ والسخريةِ..
كيف اخطات مرة وظننت اني سيد العالم وإني الأفضل بين الجميع فابتعت كراهية الأقربين بأقل ثمن كراهية لم تزول حتي بعد الاعتذار والتغيير وكيف ظننت انني بصفاء القلب والحذر سأنجو من أنياب الذئاب بعد التغيير، كيفَ أحببت مرّة لمجرّد الرغبةِ بالوقوعِ في الحبّ  فاشتريتُ بأعصابي شهوراً طويلةً من الوجع والحرقة وبحرا من الدموع العذبة التي لا أتذكر كم مرة عجزت عن كبتها وانا في زاوية الغرفة المظلمة الطم والوم نفسي علي حبي الذي لم اشعر به حقيقة وكيفَ فكّـرتُ بأنني لن أسامح ابدا و أنني لو أملكُ يوماً أثراً بهذه القوة -أن أجعلَ أحداً يبكي وَ يبكي- فلن أفعلَها ابدا.
كم مرّة قفزت من وجهي الابتسامات ولم أستطِع حبسَها حتّى عند الصلاة، أو في خيمة عزاء، و كيفَ أنّ صانعَ الابتساماتِ رجلٌ لا يُنسى، كل يوم فشل هو يومٌ جيّد بالنسبة الي لجعلي أرى الناسَ بصورةٍ أعمق الزوجة التي خانها زوجها بالأمس تلوّن كل شيءٍ بالأسود تشتمُ و تسرعُ بإخفاءِ ملامحِ الفرح لضنها ان عشيقها سيأتيها بخاتم الخلاص. أو عن الحبيب المغرم الذي لا يعرف اي أنواع العطور تحبها صديقته، ويعبس حين يشتري مزيلا للعرق “لان لا ذوق له” كما انه يستحي كثيرا من صديقه الذي لا حبيبة له، اما الذين  يتعاملونَ “بنكد” وعدم مبالاة بالحياة و يكرهونَ كل شيء حولهم “أنا مثلا” و يملأون الفضاءاتِ والصفحاتِ بالكتابةِ عن عدمِ اكتراثهم وان عقولهم تعيش في دول الحياة اما اجسادهم فهي فقط الباقية هنا..
الذين مثلي  يخجلون من أنهم كآبة رغم امتلاكهم “كل شيء” ..! الأهم من كل ذلك قريبك المجنون بقلب حبيبتك سرًا، الجالس بصبر تحت القذائف ويكتب لها علي ” الفايبر” احبك بجنون كل مجنون. عن أحزاننا وحدادنا عند التشكيك والنظر والبحث عن اجابات لأسئلة كل مجنون، عن الوطنِ والمجتمع حفّـارِ القُبـور، عن ضعفنا اتجاه كل من نحب. هذا سلاحهم الذي يقتلنا جميعا ونحن مغرومون بابتسامة مهزوم صفراء تحجب الف سيف غرس في قلوبنا بكل سكون. عن الموعد المنتظر البعيد يوم رفاهية الرحيل التي لم نمتلك منها حتي الحقيبة، عن بقائِنا في قذارة العالم دون اي تطوير او تنوير، عن قلوب أرهقها خبث البعض ولم تعد تقوي ع المسير ..
عني وعن أيامٍ مضت ومضي معها الكثير..

فكرتان اثنتان على ”أيام مضت

اترك رداً على وسام سالم إلغاء الرد